mardi 2 juillet 2013

مفهوم الديمقراطية عند راشد الغنوشي

أذكر أني شاهدت، مساء يوم الأحد 23 جانفي 2011 مساء، راشد الغنوشي في برنامج على قناة الجزيرة يحاوره غسان بن جدو( استقالة بعد مدة) كما حاور عبد الباري عطوان في نفس الحصة. صرح راشد الغنوشي في حديثه عن سؤال وجهه له غسان فيه ما معناه أن الناس لازالوا متخوفين من الإسلاميين فرد السيد راشد الغنوشي بالقول أن حركة النهضة اليوم تقبل باللعبة الديمقراطية و المجتمع المدني و قد أقر عند إجابته بقوله أن الله خلق الحياة مبنية على الإختلاف، ثم أنهى حديثه بالقول "إنما ما يميز نحن عن غيرنا أننا نجعل الدين أساس الديمقراطية".


و هذه الفكرة هي أساس التنظير الإيديولوجي عند الحركات الإسلامية. و يبدو في كلام السيد راشد الغنوشي تناقض بين الجزء الأول في كلامه و الجملة الأخيرة منه . و للأمانة فقد تعود المتحدثون باسم حركة النهضة التلاعب بالمفاهيم في أقوالهم مما يجعلهم غالبا عرضة للتناقض فيما يصرحون به، ساعين إلى مغالطة العامة بالكلام المنمق عن الديمقراطية و الحرية و غيرها لتعبئة أكثر عدد ممكن من الناس إلى جانبهم. و هذا تمشي إيديولوجي الغاية منه تحقيق مآرب سياسية غالبا ما يكون بلوغ السلطة.
كما تبدو حقيقة حركة النهضة مخالفة تماما لما قاله الشيخ. إذ حين يصرح أنه يجعل الدين أساس الديمقراطية فهو يعني أن ينطلق من الدين و لا شيء غير الدين في ممارسة الديمقراطية. و هو ما يفيد إدعاء فهم الإسلام على حقيقته أكثر أو أفضل من غيره.  فيصبح الدين محتويا لكل مناهج و ميادين الحياة الأخرى، و منه ستنجح الحركة الإسلامية في إحلال ديمقراطية أساسها الدين في بلد دينه الإسلام مما سيؤول إلى إقصاء كل فكر أو ممارسة سياسية مخالفة لمفاهيم الدين الإسلامي. ثم لنا أنتساءل ما الذي يجعل حركة النهضة  تتفهم تعاليم الدين أفضل من غيرها؟ فتفهم تعاليم الدين يبقى نسبي بدليل أن الشيخ راشد الغنوشي اعترف بالإختلاف و باعتبار أن النص القرآني ثابت بينما يكون التأويل متحولا.
و لا يقتصر الاختلاف على الدين فحسب بل ينسحب على كل ميادين الحياة. إذ تبقى المسألة نسبية بين الأفراد و المجتمعات، كما يقول أحد المفكرين انقليزي " المجتمعات المختلفة تعلم أشياء مختلفة".
بالتالي نختلف في فهم تعاليم الدين كما نختلف في الممارسات اليومية سواء للسياسة أو غيرها. لذلك حين نجعل من الدين أساسا الديمقراطية نقصي غير المسلمين (ملحدين و مسحيين و يهود و علمانيين ... إلخ)؟ أي لكل الاتجاهات و الحركات الأخرى التي لا تنطلق من الدين أو حتى تنطلق منه و لكنها تختلف في التأويل. فماذا نفعل للمسيحيين و اليهود و الشيعة و العلمانيين و غيرهم  الموجودين في تونس و هم تونسيون؟ ماذا سنقول لهم؟ هل سنقول لهم لا تنطبق عليكم هذه الديمقراطية فإما أن تبحثوا لأنفسكم عن وطن آخر أو أن تدفعوا الجزية. مثل هذا الفكر أصبح في طيات التاريخ، فالدولة اليوم، أصبحت، دولة الوطن بقطع النظر عن الجنس و الدين و اللون و اللغة و غيرها أحب من أحب و كره من كره،  يتساوى فيها عامة الناس على أساس  القانون. كما أصبح العصر اليوم عصر الحريات و الحقوق و المساواة. وهي أسس النظام الديمقراطي.
فالقول أن الدين هو أساس الديمقراطية ينفي الأساس الحقيقي للديمقراطية و هو الحرية. فهو إذن استئثار بمنهج واحد هو منهج وضع الدين فوق جميع ميادين الحياة الأخرى. أي تحديد مجالات الحياة بمفاهيم الدين و ما خالف ذلك فهو كفر و إلحاد و علمانية و غير ذلك، إذن غير مقبول في هذه البلاد. و بناء عليه يبرز جليا أن الإسلاميين يعملون على حد و حصر مجالات العلم و التفكير و السياسة و غيرها داخل إطار الدين الإسلامي مما يسهل عليهم السيطرة على المجتمع و البقاء في السلطة. وهو يعني الطموح الجارف إلى السلطة و البقاء بها دون حد. فنستنتج من هذا أن حركة النهضة لا تعترف بمبدأ التداول على السلطة إذ هي تدعي "امتلاك الحقيقة" مما يخول لها البقاء في السلطة.

بقي أن نشير أن الدين هو علاقة الفرد بربه و ليس لأي واحد أن ينصب نفسه خليفة لله في الأرض أو إماما على الناس. ثم ليس لإحد الحق في التسلط على الآخرين بحجة أنه هو كمسلم قد أدرك المعاني الحقيقة للإسلام و ما على الآخرين إلا اتباعه، فكل شخص حر في ما يفعله و الله خير حسيب و رقيب. و إلا فإننا قد نكون تخلصنا من دكتاتورية قائمة على البوليس لنجد أنفسنا تحت دكتاتورية أخرى تقوم على الدين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire